الاثنين، 1 أكتوبر 2012

قصة حياة الكاتب محمود تيمور


الكاتب الكبير: محمود تيمور / 1894-1973

محمود
تيمور (1894-1973م) كاتب قصصي ، ولد في القاهرة في أسرة اشتهرت بالأدب ، فوالده أحمد تيمور باشا الأديب المعروف ، الذي عرف باهتماماته الواسعة بالتراث العربي ، وكان بحاثة في فنون اللغة العربية والأدب والتاريخ ، وخلّف مكتبة عظيمة هي ( التيمورية ) تعد ذخيرة للباحثين إلى الآن في دار الكتب المصرية ، بما تحوي من نوادر الكتب والمخطوطات ، وعمته الشاعرة الرائدة عائشة التيمورية صاحبة ديوان  )حلية الطراز ) ، وشقيقه محمد تيمور هو صاحب أول قصة قصيرة في الأدب العربي وتحمل عنوان ( في القطار ) .
وقد ولد محمود تيمور في قصر والده القديم بدرب سعادة بالقاهرة ، وقد نشأ في بيئة أسرية تجمع بين أمرين كان اجتماعهما غريباً في مثل هذه البيئة ، الأمر الأول : الغنى والارستقراطية ، والثاني : العلم والأدب على الطريقة العربية المأثورة .
كان والده أحمد تيمور باشا قد كرّس حياته لخدمة اللغة العربية ومعارفها ، وكان يتردّد على مجالسه بعض أعلام الأدب والفكر ، وقد تعهده الوالد منذ النشأة ، وحبّب إليه المُطالعة ، ومن حسن حظه أن كان لوالده خزانة كتب كبيرة يعتني بها ، ويبذل في تنميتها وقته وماله ، فكانت خير معين له على الاطلاع ، وولّدت فيه حب الكتب.
تلقّى محمود تيمور تعليمه الأول بمدرسة الناصرية الابتدائية والإلهامية الثانوية ، ولمرضه لزم داره  واضطر إلى الحصول على البكالوريا عن طريق المنزل لا المدرسة.
سافر للاستشفاء بسويسرا ، ولم يتم دراسته . وكان قد دخل مدرسة الزراعة العليا ، ولكنه لم يُتم الدراسة بها ، إذ أُصيب بحمى التيفود ، ولزم الفراش ثلاثة أشهر ، ويعد هذا المرض من المؤثرات فيه ، إلى جانب ولده وشقيقه محمد ، ويبين هذا التأثير فيه بأنه قضى مدة هذا المرض في ألوان شتى من التفكير واختلاط الأحلام ، واستطاع أن يهضم الكثير من الآراء التي تلقاها من أخيه ، أو استمدها مما قرأه من الكتب.
وقد انصرف محمود تيمور وشقيقه محمد تيمور إلى الفن القصصي بجميع فروعه ، ممّا كان من العسير على شيوخ الأسر تقبله منهما ، ولا سيما أن هذا الفن يُعالج العواطف المشبوبة والمشاعر الوجدانية ، وهي موضوعات كانت تُعتبر وقتها موضوعات شائكة ، لا يصح لمن ينتسب إلى هذه الأسرة أن يضيع وقته فيها.

بين الرومانسية والواقعية
كان في بداية حياته يميل إلى الرومانسية ، ولميله إليها أقبل بشغف على القراءة لمصطفى لطفي المنفلوطي ، وهو يقول : كانت نزعته الرومانسية الحلوة تتملك مشاعري ، وأسلوبه السلس يسحرني . وكل إنسان في أوج شبابه تُطغي عليه نزعة الرومانسية والموسيقا ، فيُصبح شاعراً ولو بغير قافية ، وقد يكون أيضاً شاعراً بلا لسان !
كما استهوته في فترة البدايات مدرسة المهجر ـ وعلى رأسها جبران ـ وقد أعجب بكتابه      (الأجنحة المتكسرة ) ، وتأثرت به كتاباته الأولى.
استغلّ فراغه في الاطلاع والدراسة الأدبية ، واهتم بقراءات جديدة تجنح إلى الواقعية ، مثل  ( حديث عيسى بن هشام ) لمحمد المويلحي ، ورواية ( زينب ) للدكتور محمد حسين هيكل ، وكان هذا من توجيه أخيه محمد الذي قضى بضع سنين في أوربا ، اطلع خلالها على ما جدَّ هناك من ألوان الأدب واتجاهاته ، وعاد إلى مصر محملاً بشتى الآراء الجديدة التي يقول عنها محمود تيمور في كتاب ( شفاء الروح )
كان
يتحدّث بها ـ أي الآراء الجديدة ـ إليَّ ، فأستقبلها بعاطفتين لا تخلوان من تفاوت : عاطفة الحذر، وعاطفة الإعجاب .
وانتهى الصراع بين الرومانسية
والواقعية في نفس محمود تيمور إلى تغليب الواقعية ، فكانت مجموعاته الأولى على غرارها.
على أن الرومانسية لم تذهب تماماً من نفس محمود تيمور، بل نامت في
فترة الحماسة للواقعية وأهدافها القومية المصرية ، ثم ظهرت بعد ذلك في عدة قصص طويلة وقصيرة ، منها قصته الطويلة (نداء المجهول) .قصصه
توجّه
محمود تيمور ـ بفضل توجيهات أخيه إلى قراءة إبداعات الكاتب القصصي الفرنسي موباسان ، فقرأ له وفُتِن به ، واحتذاه في كتابته. ومما يُذكر أن جريدة ( الفجر) نشرت له سنة 1925م قصة ( الأسطى حسن يُطالب بأجرته ) ، وكتبت تحت عنوان ( بقلم صاحب العزة : محمود تيمور، موباسان مصر)
وأول قصة قصيرة كتبها ، كانت في عام 1919م بالعامية ، ثم أخلص للفصحى ،
فأعاد بالفصحى كتابة القصص التي كتبها بالعامية ، وأصبح من أعضاء مجمع اللغة العربية عام 1949م.
ويزيد عدد ما أصدره من قصص وروايات على خمسين عملاً ،
تُرجم بعضُها إلى لغات شتى ، وتدور حول قضايا عصرية وتُراثية وتاريخية ، فضلاً عن روايات استوحاها من رحلاته ، مثل: ( أبو الهول يطير) ، و( المئة يوم ) ، و( شمس وليل ) ، أو روايات أدارها حول الشخوص الفرعونية ، مثل : ( كليوباترة في خان الخليلي( جوائزه :
منح محمود تيمور عددا من الجوائز الأدبية الكبرى في
مسيرة حياته الأدبية ، منها : جائزة مجمع اللغة العربية عام 1947م، وجائزة الدولة للآداب في عام 1950م، وجائزة الدولة التقديرية في عام 1963م.
قال
عنه طه حسين : ( لا أكاد أصدق أن كاتبا مصريا وصل إلى الجماهير المثقفة وغير المثقفة مثلما وصلت إليها أنت ، فلا تكاد تكتب ، ولا يكاد الناس يسمعون بعض ما تكتب حتى يصل إلى قلوبهم كما يصل الفاتح إلى المدينة التي يقهرها فيستأثر بها الاستئثار كله )

مات في لوزان بسويسرا عام 1973، ونقل جثمانه إلى القاهرة ، ودُفِن
بها.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق